خلال مقابلتي الأخيرة مع “انتونيو الفارينغا”، المستشار الدولي، والأستاذ الجامعي، والبحث في ما تكلمنا، حول أفضل الممارسات التي يمكننا اتباعها لتطبيق استشراف المستقبل في المؤسسة التي نعمل بها، حيث أشار أنه يجب علينا :
تحضير التحدي؛ أي أن يكون لدينا موضوع واضح نريد دراسته، والذي بالطبع يعتمد على طبيعة المؤسسة والبيئة التي تعمل بها.
التعرف على إشارات التغيير، والتوجهات المستقبلية future trends التي تؤثر أو سوف تؤثر علينا في المستقبل.
التخطيط للسيناريوهات كأحد الطرق لتنظيم هذه المعلومات؛ أي يجب علينا تحليل المعلومات التي جمعناها في الخطوة السابقة، وعمل تخطيط كيف يمكننا التعامل مع هذه التوجهات؟
الخطوة الأخيرة المنطقية؛ وهي تطبيق مشاريع ومبادرات، أو استراتيجيات تُمكننا من التعامل مع هذه السيناريوهات.
وحتى نحصل على أفضل نتيجة يجب أن نعرف أن عملية الاستشراف ترتكز بشكل أساسي على بيئة عمل المؤسسة نفسها وعلى التحديات التي تواجهها. لذلك يجب علينا اختيار أنسب الأدوات وطرق تطبيق المراحل السابقة؛ وحسب طبيعة تلك المؤسسة، والبيئة التي تعمل بها بالإضافة أيضاً إلى التعاون مع الوحدات التنظيمية الأخرى في المؤسسة مثل: التخطيط الاستراتيجي، والابتكار في تصميم وتطبيق هذه الفعاليات وعمليات استشراف المستقبل.
أما في حال كانت المؤسسة ليس لديها أي خبرات سابقة في مجال الاستشراف، فركز هنا أنطونيو على نقطتين مهمتين للبدء في تطبيق برنامج الاستشراف لتلك المؤسسات. فما هي هذه النصائح؟
نصائح البدء في برامج استشراف المستقبل كممارسة جديدة في المؤسسة
النقطة الأولى: وهي بناء فهم موحد في المؤسسة حول استشراف المستقبل، ماذا يعنيه المستقبل؟ ماذا يعنيه الاستشراف؟ ما هي المصطلحات التي سوف نستعملها ونتفق عليها في هذه المؤسسة لكي يكون لدينا هذا الفهم الموحد؟ وهذه المصطلحات مثل: ماذا نقصد بإشارات التغيير؟ ماذا نقصد بالتوجهات المستقبلية، بالسيناريوهات المستقبلية؟ أو حتى ماذا نقصد بالمستقبل؟ هل لدى الجميع اتفاق حول مفهوم المستقبل؟ هل يمكننا التنبؤ بالمستقبل؟ هذا ما نقصده ببناء فهم واحد.
النقطة الثانية: فهي بناء القدرات الداخلية في المؤسسة أو الشركة لدى الموظفين من خلال التدريب، وبناء فرق داخلية للعمل على مشاريع استشراف المستقبل، مع التركيز أن تكون هذه الفرق شاملة لجميع الوحدات التنظيمية المعنية في استشراف المستقبل حتى يكون هنالك تقبل لهذه المشاريع، وتكون ذات فائدة للمؤسسة.
أهم وأبرز الفروق بين القطاعين العام والخاص؟
وبعد التعرف على هذه الممارسات وكيفية البدء بعملية الاستشراف، برزت بعض الاختلافات في القطاعين حيث يقول مستشار علم استشراف المستقبل أنطونيو: “إن الاختلاف الناشئ بين القطاعين -العام والخاص- يعود بالضرورة إلى اختلاف التحديات التي تواجهها كل مؤسسة في أي من القطاعين”. أي كما ذكرنا سابقاً أن لكل مؤسسة أو قطاع توجهاته المختلفة.
وبالتالي فإن الاختلاف بين القطاعين يتمثل بأن القطاع الخاص أكثر اهتماماً بالمقاييس الزمنية الضيقة نظراً لالتزام الشركة تجاه المستثمرين والحاجة إلى إظهار نتائج إيجابية من حيث الربحية أو الحصة السوقية. بينما يعتبر التحدي في القطاع العام أكثر صعوبة، لماذا؟ لأن وكالات القطاع العام عادة ما يكون لها سلطات متداخلة وتدير مصالح المعنيين من أصحاب المصلحة. وعليه فإن عملية صنع القرار في مؤسسات القطاع العام أكبر وأكثر تعقيداً، على عكس القطاع الخاص، الذي يتم اتخاذ قراراته بشكل أسرع بسبب التركيز الواضح على القضايا الربحية.
لكن هذا لا يمنع من وجود عامل مشترك بين أي مؤسسة سواء في القطاع العام أو الخاص حيث يكمن هذا العامل المشترك في ضرورة إظهار النفع من برامج استشراف المستقبل طويلة الأمد. وبعد ما شهدناه من كوفيد-19 فإن الزمن أصبح أقصر والأمد أصبح أطول، ولهذا يجب على قائد المؤسسة أن يتمتع بالمصداقية والقدرة على إقناع المعنيين في المؤسسة التي يعمل بها؛ بمعنى أن القائد الذي يتمتع بالمصداقية هو الذي يستطيع أن يعرف التحديات التي سوف تواجهه في المستقبل، وأيضاً يجب على قيادة المؤسسة أن تقوم بالتنسيق بين الوحدات الداخلية مثل: التسويق، ووضع رؤية واضحة عن المؤسسة.
ما هو عدم اليقين وما علاقته بالمستقبل؟
وكما ذكرنا سابقاً أننا يمكننا التنبؤ بالمستقبل والتخطيط له، لكنه ليس بالضرورة أن يحدث ما خططنا له؛ فالمستقبل مرتبط بعلاقة وثيقة بمصطلح عدم اليقين، لأن المستقبل يعتبر أحداث غيبية لا يمكننا التأكد من وقوعها حتماً. لذلك فإن هذا المصطلح هو صفة رئيسية للمستقبل.
ويقول في ذلك المستشار أنطونيو:” يجب علينا بناء عمليات وبرامج داخلية في المؤسسة تشجعنا على استخدام وايصال رؤية موحدة للمستقبل؛ ونعني المستقبل المفضل، وتقبل أن المستقبل لا يمكننا التنبؤ به”. وأشار أيضا أنه يمكننا الاستعداد للمستقبل من خلال الآتي:
ماذا يمكن أن نفعل كي نكون مستعدين للمستقبل؟
الشعور بالراحة، والتحدث حول حتمية التغيير؛ أي تقبل عدم اليقينية في المستقبل، وأن هذا هو الوضع الطبيعي.
الاعتماد في التخطيط للمستقبل على اعتقاد بأن الأمور ستبقى على ما هي عليه إنه اعتقاد خاطئ، ولن يعطينا ذلك الاستعداد للمستقبل، ولن يساعدنا لكي نكون جاهزين للمستقبل.
ما هي أفضل المراجع للعاملين في مجال علم استشراف المستقبل؟
وإذا أردت الاستزادة في موضوع علم استشراف المستقبل، إليك بعض المصادر التي ذكرها انطونيو مثل:
مواقع هيئة الطاقة العالمية
مواقع OECD
منظمة دول التنمية والهيئة الأوروبية European Commission
المنظمة الأوروبية للبيئة التي توفر مصادر مفتوحة أو مجانية يمكن من خلالها التعرف على منهجيات هذه المؤسسات في مجال استشراف المستقبل.
وختاماً، لقد أشار خبير استشراف المستقبل والاستراتيجية أنطونيو ألفارينغا إلى كتابه المفضل في هذا المجال وهو Scenarios: The Art of Strategic Conversation حيث يوضح أهمية استشراف المستقبل وآلياته، يستعرض أبرز التطبيقات المستقبلية والتي بلا شك ستقلب الحياة رأسًا على عقب!
0 تعليق